تحميل...

منوعات

جديدنا في بريدك

    اشترك في نشرتنا البريدية:

حوار إنسان

كلام من القلب

  • المزيد »

قراءة في عنوان

  • المزيد »

مقال الرأي

قضايا وملفات

صورة وتعليق

مقالات مترجمة

رسالة إلى المعني

قالت الحكاية

فن وثقافة

أخبار ومتابعات

الرئيسية » » صرخة الحرية: تكلم الآن أو اصمت إلى الأبد

صرخة الحرية: تكلم الآن أو اصمت إلى الأبد


بقلم: صلاح بيصار-- "تتلاشى الصور والكلمات من ذاكرتى تدريجيا .. وجه محبوبتى القديمة .. اسماء جيرانى .. ملامح الشوارع .. اشياء كثيرة تسقطها الذاكرة بلارحمة .. ساخرة من شعورنا بأهمية الاشخاص والاشياء .. حتى تمحوني انا نفسي .. من اذهان الآخرين".

هكذا يكتب الفنان الشاب ممدوح القصيفي، متنبئا ومستشعرا ما حدث وكأنه يجسد تلك الحالة الضاغطة التي نعيشها وتعيشها مصر من الاضطراب والتي نتمنى ان تتعافى منها سريعا.

وقد جاءت كلماته مع ترجمة بالانجليزية "لتشاس رينيك" موازية للنص العربى ومصاحبة لنتيجة المكتب 2012 التي صدرت بريشته عن "ندوة برس – هونج كونج"، وكانت في الاصل كتابا شارك به في احدى ورش العمل الفنية بسويسرا، بعنوان: "تكلم الان او اصمت الى الابد" .

والنتيجة او الكتاب في 12 لوحة مع 12 نصا شعريا من كلماته توحدت وجسدت بالتعبير المكثف اغنية طويلة وحزينة تمتد من الياس والامل الى التطلع والرجاء. من نجاح الثورة والخوف عليها من المتربصين بها من بقايا النظام الفاسد. كتبها ورسمها بمشاعره واحاسيسه بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير 2011 مؤكدا على ما قاله بيكاسو ذات يوم من عام 1935 "انا رسام قديم وشاعر حديث الولادة".

وقد اراد الفنان ممدوح القصيفي ان يصدمنا ويدهشنا ويمتعنا ويبهجنا ويحزننا ويحرضنا في مطبوعته التي جمع فيها روح الشاعر ووهج الفنان، بمعنى اخر بين تلك الخواطر الثائرة والتي تنتمي لقصيدة النثر، وبين دنيا التشكيل والتعبير والتي توحدت في ملحمة تعبيرية، بتلك الكائنات الاسطورية التي تعيش كابوسا والتي تهفو الى النور والحب والسلام. جاءت بمثابة صرخة للحرية .. تعيد سيرة الثورة من جديد.


وممدوح يقول:


"ماذا يمنعني ان اكسر كل القواعد واحقق جنوني

اهجر لحني الرتيب

اكسر عودي الذي تلتف اوتاره حول حياتي

اخترع طريقا آخر .. ربما اصعب واطول ولن ادرك نهايته ابدا"

فهو هنا يريد ان يخرج على الاطار السائد ويشكل ايقاعا اخر يثور على المعتاد والمألوف.

واذا كان الفنان السيريالي سلفادور دالي يقول: "آن لنا ان نفهم الفوضى"، فما قد يبدو فوضى تفتقد لأي نظام قد تكون نسقا فريدا تنتظمه التراكيب الرياضية والمعنوية بشكل قد لا ندركه للوهلة الاولى.

والقصيفي الذي يمتد عالمه بين الرسم، والرسم بالكلمات، يعكس غربة الانسان المعاصر حين يقول في "حوار خلف الاقنعة":

بعد كل هذه السنوات اشعر كاني لا اعرفك ..

بل انت خائف ان تعرفني!

وهي غربة يقتل فيها الانسان اخاه الانسان بلا رحمة او وازع من ضمير.

وهو يبحث عن مخرج من اجل كسر القيود: "تنصحني بالشجاعة والقوة وتقول اكسر قيودك .. واصرخ ولا تهتم بما سيحدث.. اسير برأسي مؤيدا وانظر اليك .. اتمنى ان تكون الجراح والدموع التي تفيض منك في جسدي انا .. حتى انال البطولة".

وفي النهاية يبحث عن لحظة يتوحد فيه البشر: "ابتعد عن حضنك رغما عني .. واحلم باللحظة التي سأعود فيها اليك".

والرسوم المصاحبة للأشعار بالأبيض والاسود اشبه بالوثائق والتفاسير التصويرية تحتشد بعناصر من قيود وسلاسل وكائنات ممسوخة بوجوه نافرة قلقة وأقنعة وطيور محلقة تنبىء عن مساحة من التفاؤل، وهي مسكونة ببلاغة تعبيرية مع روح سيريالية تفيض بالالم والرغبة في الخلاص وتهفو الى الحرية. يبدو فيها الانسان سجينا ومحطما القيود في نفس الوقت: "كل حياته كانت بين رقمين .. تاريخ ميلاده وموته. وبينها ارقام اخرى .. لم تعد تهم احد".

الخطوط تتلوى في استدارات وانحناءات والاسود الداكن يزحف على الابيض المشوب بزرقة خفيفة ويتخلل كل هذا لمسات من البني. وحين يغني الفنان "أغنية للثورة" يقول: "من عشرات اغاني الثورة لا اذكر الا بيتين لأمل دنقل من قصيدته (كلمات سبارتكوس الأخيرة):

مُعلَّقٌ انا على مشانق الصباح

وجبهتي بالموت محنية لانني لم احنها حية"

وكأنه يعيش لحظة جاثمة لكن تشع بالصمود والكبرياء.

لكن وفي المقدمة نقرأ ونستشعر ثمة امل: "اهداء .. الى حلم لم اجرؤ ابدا ان احلمه" ونطالع امراة يحط على رأسها عصفور صغير. تبدو بنظرة متأملة في حالة اشبه بالحلم. وكان ممدوح القصيفي يحلم بعالم من الحرية يغرد فيه عصفور الحياة .. لنا ولمصرنا .. وهذا ما نتمناه لوطننا العزيز في عامنا الحالي .. نتمنى ان يسترد عافيته سريعا، خاصة وهو يصور اثنين في لحظة عناق: "تهدهدني يداك تربتان عليَّ في نشوة .. تلتف حولي يداك الصغيرتان فلا تلتقي من خلف طهري".

مع مطبوعة القصيفى ورغم طغيان الابيض على الاسود الا اننا نلمح بين المساحات والمسافات الأمل المشع بالنور.

وممدوح القصيفى مواليد 1968 وتخرج من كلية الفنون الجميلة عام 1991 واقام اربعة معارض بالقاهرة، وشارك في ورشة عمل في الحفر مع ا. د. صلاح المليجي، ونخبة من الفنانين الحفارين العالميين "بجوان لان" بالصين عام 2010 وبينالى اعمال الحفر الصغيرة بفنلندا ومعرض مصر الحديثة بهافانا كوبا ومعرض على هامش اولمبياد بكين. وحصل على جائزة التفوق في الرسم من بينالي بور سعيد الثامن 2009 وجائزة الرسم من صالون الشباب 1992.

في "تكلم الان او اصمت الى الأبد" نستشرف المستقبل بغد افضل ونلتقي بروح الشعر وسحر الصورة.

تحية الى اشراقات الروح وتجليات السحر.


أنشر الموضوع


أنظر قسم

مجلة صوت إنسان

مجلة قيد التجريب ملحقة بمجموعة فيسبوكية دشردتنا

0 التعليقات على "صرخة الحرية: تكلم الآن أو اصمت إلى الأبد"

اكتب تعليقا